مقالات مختارة

لا أمن لإسرائيل بلا حل سياسي، نقطة!

بقلم: يوسي بيلين

كلما مرت الأشهر يكون ممكنا النظر بمنظور أوسع إلى مذبحة فرحة التوراة، والاندهاش لوجه الشبه المذهل بين "المفهومين" – ذاك الذي لم يمنع حرب يوم الغفران وهذا الذي كاد لا يترك قوات أمام السياج في 7 أكتوبر.
التعبير الأدق لسنوات الغرور والعمى الست التي بين 1967 و1973 كان قول وزير الدفاع في حينه موشيه دايان، والذي جاء فيه انه "خير شرم الشيخ بدون سلام، من سلام بدون شرم الشيخ". لا شك أبدا في أنه لو وافقت غولدا مائير على اقتراح مبعوث الأمم المتحدة يرينغ في شباط 1972، لكانت منعت حرب يوم الغفران.
لكن حكومة غولدا تبنت مفهوما يقضي بأن الأراضي الهائلة التي احتللناها في الأيام الستة تحمينا من هجوم عربي؛ يدنا هي العليا؛ لا يلح علينا أي شي؛ نحن نحب السلام لكننا نحب فقط السلام الذي يقبل فيه الطرف العربي مطالبنا. هكذا كان بوسع غولدا أن تتجاهل التحذير الصريح للحسين ملك الأردن من هجوم متداخل على إسرائيل، وكذا المعلومة الدقيقة التي نقلها الجاسوس المصري اشرف مروان إلى رئيس "الموساد" عشية الحرب. المفهوم يعمي العيون.
رؤساء الوزراء من "الليكود" الذين وصلوا إلى المنصب بعد مناحم بيغن (الذي اتفاقه للسلام مع مصر كان الخطوة السياسية الأهم في إسرائيل في كل سنواتها) عرضوا السلام كشيء ما ساذج، منقطع عن الواقع المتطرف للشرق الأوسط. من يحب الحياة هنا ملزم أن يعيش على السيف، أن يسكن وحده وان يسلم بعداء العالم، باللاسامية القديمة التي اتسعت إلى لا إسرائيلية. العرب بصفتهم عربا ليسوا مستعدين لأن يسلموا بوجودنا وبالتالي نحن ملزمون بجدران حديدية لتفصل بيننا وبينهم. أما المحاولات المثيرة للشفقة لصنع السلام معهم فهي عمليا مؤشرات تدل على ضعف إسرائيلي، ولو كنا نفهم العرب، لكان واضحا لنا أيضا، نحن رجال معسكر السلام، كأنهم يبحثون فقط عن نقاط ضعفنا كي يدمرونا. مشكلتنا الحقيقية هي رفض الدول العربية الاعتراف بحق الوجود لإسرائيل. وقد عادوا وشرحوا لنا أنه مع سياستنا يمكن فقط القيادة في اسكندنافيا.
في اتفاقات إبراهيم، اقترح نتنياهو "السلام مع السلام"، بدون ثمن إقليمي (أي ثمن إقليمي كان يمكن على الإطلاق دفعه للمغرب أو لاتحاد الإمارات؟)، وما الذي تبقى الآن عمله هو إقامة جبهة إسرائيلية - عربية في وجه ايران من جهة و"م.ت.ف" من الجهة الأخرى. وكانت النية المعلنة هي إبقاء الفلسطينيين الأخيرين في الطابور والشرح لهم أن لا مفر أمامهم غير قبول كل شروط إسرائيل للسلام الدائم.
إن إضعاف "م.ت.ف" من خلال الامتناع عن الانشغال كحل المسألة الفلسطينية وتعزيز "حماس" غير المستعدة للاعتراف بإسرائيل أدى بنا إلى الأزمة الحالية. إذا كان من سيقود إسرائيل بعد نتنياهو هم أناس كبيني غانتس (الذي يتحدث عن "كيانين" ويقصد دولتين)، يائير لابيد الذي يتحدث صراحة عن حل الدولتين) أو يوسي كوهن، الذي لا يستبعد دولة فلسطينية، ستزداد الفرصة للحل. يحتمل أن يمر زمن طويل إلى أن يسود امن ذو مغزى، لكن واضح أن تقسيم البلاد فقط يمكنه أن يضمن إسرائيل في المستقبل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية. نتنياهو يمكنه أن يواصل الحلم باسكندنافيا عن تحقيق الرؤيا الصهيونية دون أن يأبه بالفلسطينيين.
لست سنوات، تبنى الكثيرون في إسرائيل وهم غولدا، الذي يقضي بأن شيئا لن يحصل لنا بسبب السيطرة في المناطق. اربع سنوات تبنى كثيرون في إسرائيل وهم نتنياهو الذي يقضي بأنه يمكن تجاوز حل الدولتين والعيش هنا في ظل اسكندنافيا دون دفع ثمن. الآن سيكون هذا، اغلب الظن، الجمهور الإسرائيلي الذي سيبعث به لقيادة إحدى دول اسكندنافيا.

عن إسرائيل اليوم

 

Loading...