لنترك الفعل على الأرض يؤتي أكله ولنصمت عندما لا يجدي نفع أي كلام.
إن ما يجري في الجامعات الأمريكية من حراك غير مسبوق لدعم للشعب الفلسطيني يرجع لعدة أسباب:-
أولاً: شلال الدم النازف في غزة والناتج عن غطرسة إسرائيلية غير مسبوقة وإخفاق القيادة الإسرائيلية في الاستمرار في تسويق رواية الدفاع عن النفس كما فشلت ورواية معاداة السامية.
ثانياً: مشاركة بعض دول الغرب بشكل مباشر في الحرب من خلال بوارج وحاملات طائرات لا بل وتهديد الدول المجاورة بالدمار إن هي حاولت الدفاع عن الشعب الفلسطيني. وكان ذلك جلياً في تعامل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا مع الهجوم الإيراني على إسرائيل، علماً بأن أحداً لا يحرك ساكنا وإسرائيل وبشكل دائم تهاجم سوريا ولبنان وإيران وغيرها، فلم نسمع من أحد الحديث عن إدانة للعدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية على سبيل المثال.
ثالثاً: استمرار الغرب في تقديم كل أشكال المعونة العسكرية والاقتصادية والسياسية عبر إجهاض أي محاولة دولية للجم العدوان، كما حصل في مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية كل ذلك على مرأى ومسمع المجتمعات الغربية التي طالما أوهمتها حكومات بلادها بحرية الرأي وبقيم إنسانية غابت عن المشهد فيما يخص العدوان على الشعب الفلسطيني خاصة قتل الأطفال والنساء.
رابعاً: التزامن الوقح بين إيقاف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وضخ المليارات لمساعدة اسرئيل وأوكرانيا.
خامساً: غباء القيادات الأمريكية في التعامل مع حراك الطلبة لدرجة اتهام من يطالب بوقف القتل بتهم بمعاداة السامية. ولقد قرأئنا ذلك جلياً عندما رفض رئيس جامعة كولومبيا الإقرار بأن الفلسطينيين بشر.
سادساً: التصريحات المتكررة من القيادات الإسرائيلية وبشكل لا لبس فيه بضرورة إبادة أهل غزة وتهجير من يبقى منهم والتي تعبر علنا عن نية الإبادة مضافاً إليها تصريحات بعض القادة الإسرائيليين ضد التدخل الأمريكي الخجول في البحث عن هدنة إنسانية واعتبار هذا الدور الخجول تدخلاً في الشأن الإسرائيلي.
ما علاقة كل ما سلف بعنوان المقال؟ الإجابة ببساطة أن استثمار ما يدور في الجامعات الأمريكية وبوادر امتداده إلى جامعات أوروبية وربما لاتينية يقتضي أن نكون حذرين في تصريحاتنا وأقوالنا خاصة وإن كانت تبني أفعال لم يكن لنا فيها دور. مما لا شك فيه أن الدبلوماسية الفلسطينية لعبت دوراً في نقل معاناة شعبنا خاصة دور السيد الرئيس واتصالاته مع رؤساء الدول ومع مؤسسات الأمم المتحدة. كل هذا مضاف إلى الأسباب التي أوردناها سالفا.
وللاجابة على السؤال لا بد من الإشارة إلى تصريحات الأحزاب الفلسطينية وخاصة حركة حماس فيما يخص هذا الحراك التصريحات التي فهمت على أن فيها دعماً لحماس التي وصمها الغرب بأنها تنظيم إرهابي وبالتالي وضع سلاح بيد معارضي الحراك وقيادة إسرائيل يمكنهم من اتهام الحراك بدعم الإرهاب. ليس هذا فحسب بل تناولت بعض وسائل الإعلام تصريحات لقيادات فلسطينية من الصف الأول توحي بأننا من يدير هذا الحراك وإن بشكل غير مباشر وهنا أقتبس من تصريحات أحد القادة (لقد بدأنا بممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية من القاعدة).
وبناء على ذلك فإن المطلوب من كل فلسطيني أن يصمت طالما لم يكن متأكداً بأن كلامه سيوصل الرسالة الصحيحة وفي هذا تأكيد على أن الصمت أبلغ من الكلام في أحيان كثيرة.
نأمل أن تستمر لا بل تتصاعد الاحتجاجات بما يشكل ضغطاً حقيقياً على صناع القرار في الغرب نابع من وضع القيم الإنسانية التي زرعت فيهم موضع التطبيق.