بقلم: ميراف أرلوزوروف
لقد اهتم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، في إرسال رسالة مستعجلة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أيام عيد الفصح. الرسالة تطرقت إلى الخطوات القانونية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، وأثارت الشك بأنه ستصدر مذكرات اعتقال من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ضد إسرائيليين. حسب التقدير أيضاً رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان هم من المستهدفين.
بالنسبة لسموتريتش، فإن اتخاذ إجراءات قانونية ضد إسرائيل تجاوز للخطوط الحمراء، والعقاب يجب أن يكون عملاً ناجعاً لإسرائيل من أجل تدمير حكم السلطة الفلسطينية. طريقة فعل ذلك، كما يهدد سموتريتش، هي قطع العلاقات (التراسل) بين البنوك الفلسطينية والبنوك الإسرائيلية. وقف العلاقات هو من صلاحيات وزير المالية.
نتنياهو حتى الآن لم يرد على رسالة سموتريتش (وزير المالية قام بنشر الرسالة)، الأمر الذي أثار نظرية مؤامرة تقول إن الرسالة تم طلبها: سموتريتش في حالة هياج وهو يهدد بالعمل على تفكيك السلطة الفلسطينية، بمباركة من نتنياهو.
سبب هذه النظرية هو أن نتنياهو مضغوط جداً من إمكانية أن يصدر في القريب أمر اعتقال ضده. وطريقته في استخدام الضغط على الإدارة الأميركية هي التهديد بتفكيك السلطة الفلسطينية. في هذه الحالة، حسب هذه النظرية، فإن سموتريتش هو مبعوث نتنياهو من أجل ابتزاز الأميركيين.
يصعب التفسير بطريقة أخرى تهديد سموتريتش الغريب. فقط قبل شهر تقريباً، قام بإرسال تهديد مشابه وهو إلغاء العلاقة بين البنوك الفلسطينية والبنوك الإسرائيلية، وهي العملية التي تشكل أيضاً خرقاً لاتفاقات أوسلو من قبل إسرائيل، وأيضاً يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية مالياً. وزير المالية فعل ذلك كعملية ابتزاز للأميركيين. فقد غضب لأن الأميركيين قاموا بفرض عقوبات على بعض المستوطنين المتطرفين، وردّاً على ذلك هدد بتدمير اقتصاد السلطة الفلسطينية.
نهاية التهديد السابق كانت رسالة توضيح أميركية في ما يتعلق بطبيعة العقوبات ضد المستوطنين، الرسالة لم تخفف العقوبات ولكنها لم تزعج سموتريتش في طرح ذلك بشكل معاكس – ضغط أميركي شديد على نتنياهو، وفي النهاية قرار بتأجيل وقف العلاقات بين البنوك ثلاثة أشهر، سيتم فيها تشكيل طاقم يقوم بفحص القضية.
الطاقم، حسب علمنا، بصعوبة بدأ في العمل. والآن وزير المالية الذي قام بتشكيل الطاقم، يعلن أنه ينوي قطع العلاقات بين البنوك. وإذا كان وزير المالية يعرف كيف يجب أن تكون طبيعة العلاقة مع البنوك الفلسطينية، فلماذا قام بتشكيل الطاقم المهني لفحص ذلك؟
هذا ليس الأمر الوحيد الغريب في سلوك سموتريتش ونتنياهو. فمجرد تشكيل الطاقم المهني هو أمر غريب. في العام 2018 عملت لجنة شملت عدة وزارات برئاسة بنك إسرائيل وبمشاركة الشرطة و»الشاباك» وهيئة الأمن القومي ووزارة المالية وغيرها، التي فحصت طبيعة العلاقات مع البنوك الفلسطينية.
هذه اللجنة تم تشكيلها بعد أن أعلن بنكا «هبوعليم» و»ديسكونت»، اللذان لهما علاقات مع البنوك الفلسطينية، عن الرغبة في وقف هذه النشاطات بسبب الخوف من أن البنوك الفلسطينية تستخدم لتمويل الإرهاب.
الدولة طلبت من البنكين الاستمرار في العلاقة مع البنوك الفلسطينية. ومن أجل الإقناع فقد رفعت عن البنكين المسؤولية. وزارة العدل ضمنت لهما الحماية من الدعاوى في إسرائيل، ووزارة المالية وعدتهما بالتعويض ضد أي دعاوى في العالم، وأنه سيتم العثور على طريقة لأخذ هذه النشاطات منهما.
هذا ما فعلته اللجنة الوزارية. فقد أوصت في 2018 بأن تدير الدولة العلاقات مع البنوك الفلسطينية بنفسها، من خلال تشكيل شركة بملكية الحكومة ويشرف عليها بنك إسرائيل «شركة خدمات المراسلة». القرار حول إقامة الشركة تم تبنيه بقرارين من الحكومة، في 2018 و2022. في القرارين تم التأكيد على أن استمرار العلاقة مع البنوك الفلسطينية هو مصلحة عليا لإسرائيل.
في مقدمة هذه القرارات كتب: «إزاء أهمية استمرار تقديم خدمات المراسلة للبنوك التي تعمل في مناطق السلطة الفلسطينية من خلال حل بعيد المدى على خلفية الاتفاقات النقدية والمالية في ملحق الاتفاق المؤقت الإسرائيلي – الفلسطيني بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة (الملحق الاقتصادي في اتفاق أوسلو، اتفاق باريس) ومن أجل تقليص خطر تمويل الإرهاب وتبييض الأموال».
إضافة إلى ذلك، فإنه في مشروع القانون لإقامة شركة خدمات المراسلة، الذي تم إعداده في أعقاب قرار الحكومة في 2022، تم الشرح بأن وقف علاقة الدفع والمقاصة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية «يمكن أن يضر بشكل جوهري الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي، ويستخدم الشيكل كعملة أساسية».
«علاوة على ذلك، فإنه من أجل دعم العلاقات التجارية والتشغيل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإنه مطلوب بنية تحتية للدفع، آمنة وناجعة. ويشار أيضاً إلى أن وقف علاقة الدفع والمقاصة في الإطار الحالي، دون إيجاد حلول بديلة، يمكن أن يضر بالجهود التي تبذل لمنع تمويل الإرهاب وتبييض الأموال.
باختصار، الحفاظ على العلاقة البنكية مع السلطة الفلسطينية أمر حاسم بالنسبة لإسرائيل من أجل عدم خرق اتفاقات أوسلو، وعدم تقويض السلطة الفلسطينية، والسماح باستمرار التجارة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لأن هذه هي الطريقة الأفضل من أجل منع الفلسطينيين من تمويل الإرهاب.
يوجد سبب آخر أكثر أهمية، وهو أنه إذا أوقفت إسرائيل علاقة الفلسطينيين بالمنظومة المصرفية في إسرائيل وبالشيكل، فسيكون للفلسطينيين سبب مبرر لإصدار عملة مستقلة ومطالبة العالم بالاعتراف بها. الاعتراف بالعملة الفلسطينية المستقلة ستكون خطوة أولى في اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة. لذلك، مهم جداً لإسرائيل الحفاظ على اتفاق باريس من أجل ألا يُصدر الفلسطينيون عملة خاصة بهم.
عن هآرتس