بقلم: ناحوم برنياع
على إحدى كفتي الميزان، يوجد استمرار الحرب ودخول الجيش الإسرائيلي إلى غلاف منطقة رفح. على الكفة الأخرى، وقف الحرب، إعادة المخطوفين، عودة 100 ألف إسرائيلي إلى بيوتهم وحياتهم في غلاف غزة وفي الشمال، ترميم العلاقات مع الإدارة الأميركية ومع الرأي العام في الغرب، إقامة تحالف إقليمي ضد ايران وتطبيع العلاقات مع السعودية. أخشى ألا مفر من إضافة عنصر ثقيل الوزن آخر إلى إحدى كفتي الميزان: شرخ عميق في داخل المجتمع الإسرائيلي، في داخل الجيش، في داخل العائلات. هكذا تبدأ حروب أهلية.
اليوم، ينعقد «كابنيت» الحرب فيما يبدو كجلسة حاسمة. لكن التجربة علمتنا ألا نبني توقعات. بالضبط في «كابنيت» عشية صفقة المخطوفين الأولى، بعد أن انتهت كل الاستيضاحات قال نتنياهو، انه يريد إجراء مكالمة هاتفية أخرى، استيضاحا آخر. تهديد صريح من آيزنكوت فقط أجبره على قبول الحسم. التأجيل هو الجوهر.
نعم، «حماس» هي منظمة إرهاب إجرامية. من الخير لو كنا نعرف كيف نمحوها عن وجه البسيطة. لكن بعد 210 أيام من القتال نحن نعرف قيود قوتنا. التقديرات في الجيش الإسرائيلي تتوقع إنجازا عسكريا محدودا في رفح بثمن عالٍ. الجيش الإسرائيلي سيقوض هيكل اربع كتائب «حماس» ترابط هناك – موضوع إيجابي بحد ذاته – لكن «حماس» لن تباد ونحن سندفع الثمن بمزيد من المصابين من بين المقاتلين ومن بين المخطوفين ونلحق هدما وقتلا على مستوى واسع في المدينة وفي محيطها. رد فعل الحكومات والرأي العام في العالم سيكون فتاكا.
كل من له عينان في رأسه، بما في ذلك في قيادتنا الأمنية وفي إدارة بايدن، يفهم ماذا يوجد على كفتي الميزان. ليس هذا «مخطوفين مقابل رفح»، هذه استراتيجية مقابل سياسة. استعداد إسرائيلي لإنهاء الحرب، ليس نظريا ربما، لكن عمليا، هو قرار استراتيجي يفتح الباب للخروج من الحفرة التي وقعنا فيها في 7 أكتوبر والى تسويات يمكن لإسرائيل أن تعيش وتزدهر معها. كانت لنا إنجازات عسكرية مهمة في الحرب، يتعين علينا أن نكتفي بها.
الثمن باهظ: «حماس» ستكف عن الوجود في غزة كجيش وكحكومة، لكن ستواصل الوجود كمنظمة إرهاب وكبنية تحتية اجتماعية، في الضفة وفي غزة أيضا. الثمن باهظ أيضا لقائمة السجناء الثقيلين الذين سيتحررون. إسرائيل ستخرج من غزة دون النصر المنشود، المعلن. هذه هي طبيعة القرارات الاستراتيجية.
لقد اختار نتنياهو الهروب من المسار الاستراتيجي إلى المسار السياسي. بيانان اصدرهما، امس، تحت غطاء شبه مغفل استهدفا إحباط احتمال الصفقة. الجمهور المستهدف كان الوسطاء، «حماس» الخارج والكهانيون في حكومته. إذا اقتنعوا بأنه لا توجد صفقة فإنه سيعفى من الحاجة للحسم. الحرب ستستمر، الضغط الأميركي سيتبدد والتهديدات من اليمين ومن اليسار بتفكيك حكومته ستتأجل إلى مواعد أخرى. حقيقة أن نتنياهو اغري على أن يصدر البيانين بل وفي السبت، تدل على أنه مفزوع حقا، على أنه يؤمن بأن الصفقة هي مثابة الممكن.
هذه المناورات نجحت في الماضي. هي لا تنجح، اليوم، ليس على «حماس»، ليس على غانتس وآيزنكوت وليس على الوسطاء. الزمن يلح للإدارة الأميركية بقدر لا يقل عما يلح لملايين الإسرائيليين الذين هم قلقون على حياة المخطوفين. تبقت فقط ستة اشهر على الانتخابات في أميركا. بايدن في وقت حرج. ولهذا فقد وعد الأميركيون في صيغة ما قادة «حماس» بضمان أن الحرب لن تستأنف. «حماس» تطالب بضمانة كهذه منذ زمن بعيد. وهي لا تصدق الوعد الإسرائيلي. وفي هذه الظروف يمكن تفهمها.
وعليه، فإن رئيس الـ»سي.اي.ايه» يبكر في الوصول إلى القاهرة؛ وعليه فإن الإدارة تضغط علنا على قطر لتهديد زعماء «حماس» وتضغط علنا تقريبا على حكومة إسرائيل للاستجابة للصفقة. كل شيء موضوع على الكفة، من الذخيرة في الطائرات وحتى التحالف الإقليمي والاتفاق في لبنان.
كلنا نعرف القصة عن ذاك الذي أكل السمك الفاسد وطرد من المدينة أيضا. في 7 أكتوبر ضُربنا؛ في تواصل الحرب في ست أو سبع جبهات أكلنا وفرة من السمك الفاسد؛ بالطريقة التي يتصرف فيها نتنياهو فإننا في النهاية سنطرد من المدينة.
عن يديعوت أحرونوت