مقالات مختارة

نحو صفقة تبادل تخرجنا من الحفرة

بقلم: ناحوم برنياع

في كل مرة أصل فيها لمواساة أصدقاء على فقدان ابن عائلة في الحرب أعانقهم بكل القوة، في محاولة لأن أحمل شيئاً ما من أساهم على كتفي لعله يخف عنهم.
هذه محاولة فاشلة، بالطبع: فالحزن ثابت؛ وهو لا يرحل إلى أي مكان. بعد ذلك أخرج من الشارع وأبحث عن حائط لأضربه. لماذا ينبغي لهذا أن يحصل له، لها، لهم، اسأل الحائط.
لماذا ينبغي لهذا أن يحصل على الإطلاق. ولماذا، بعد ثلاثة أشهر من نذر الموت التي تتقطر على الرأس كل يوم، مثل عذابات سيناء، كل ما يعرفون أن يعدونا به هو المزيد والمزيد من الحرب.
أمس كان يوماً صعباً على الجيش الإسرائيلي في غزة. القلب مع الشهداء وعائلاتهم. الثمن باهظ. السؤال هو إلى أين نحن نسير.
بالنسبة لي، إسرائيل هي المجتمع الأكثر جاذبية في العالم: حيوي، مبادر، نشيط، متنوع، إبداعي، وطني، سخي. يوجد فيه غير قليل من العلل، لكن كل واحدة منها منفتحة على التغيير، أو على الأقل، على الكفاح في سبيل التغيير. ما كنت أريد أن أحيا بمجتمع آخر، مرتاح أكثر.
الإسرائيليون هم شعب يحب الحل. أما حكومتهم فهي قصة أخرى.
في 7 أكتوبر وقعت إسرائيل في حفرة عميقة. لا مقدار للفقدان، للضرر، للثمن الذي جباه ذاك اليوم الواحد إياه وسيجبيه منا، في المدى القصير وفي المدى البعيد.
منذ ذاك اليوم ونحن نقف في أسفل الحفرة ونسأل الكثير من الأسئلة: كم وقعنا، لماذا وقعنا؟ أين يوجد العدو الذي أوقعنا وكيف سنبيده، حتى آخر مخربيه. فكل هذه أسئلة مهمة، وجيهة، لكنها تدفعنا لأن ندحر جانباً السؤال المهم حقاً: كيف الخروج من الحفرة.
الخروج من الحفرة معناه إعادة المخطوفين، ترميم البلدات التي دمرت والأمن وإحساس الأمن لدى السكان في الجنوب وفي الشمال، تسريح رجال الاحتياط إلى بيوتهم ومحاولة إنهاء الحرب.
ليس تحدياً بسيطاً: فهو يتطلب حيوية، مبادرة، تفكيراً من خارج الصندوق وأساسا الشجاعة، المزايا التي توجد لدى إسرائيليين من كل أطراف الطيف ولا توجد، لأسفي، في الحكومة بتركيبتها الحالية.
دنيس هيلي كان وزير الدفاع في بريطانيا في الستينيات من القرن الماضي. منح العالم مشورة قصيرة وصائبة لإدارة الأزمات: «عندما تكون في حفرة كف عن الحفر». خسارة أن المؤتمنين على إدارة الحرب في إسرائيل لا يستمعون لدنيس هيلي.
منذ ثلاثة أشهر ونحن نسمع بشائر عن إبادة حماس، هزيمة حماس، تصفية حماس. لشدة الأسفل، هذه لا تعكس الواقع. من ناحية عسكرية صرفة توجد إنجازات مبهرة في التنسيق بين الأذرع وفي استخدام القوة، لكن بينها وبين إبادة حماس المسافة واسعة.
لقد خلق نتنياهو توقعات لا سبيل لتحقيقها، وهكذا فرض علينا حرباً لا نهاية لها.
وحتى الهدف الأكثر تواضعاً، تفكيك حماس، يتطلب تكييفاً للتوقعات. كل نفق ينكشف ويفجر في قطاع غزة هو بشرى طيبة، لكن تفجير نفق لا يبيد عموم القدرات العسكرية والسلطوية. كان يكفي تطهير غزة وبناتها وقاطع على طول الحدود.
في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، لا تغير الحرب الواقع. فهي تكلف حياة المقاتلين، تزيد خطر الكارثة الإنسانية التي ستكون إسرائيل مسؤولة عنها، تضر إسرائيل في العالم ولا تقربنا من النصر الذي ليس موجوداً. حتى لو صفي السنوار أو ضيف أو كلاهما معاً، فإن نتائج الحرب لن تتغير. فيوجد بدائل لهما.
إن تداعيات ضربة 7 أكتوبر، تتطلب تفكيراً متجدداً ليس فقط بالنسبة لحماس، لحزب الله وللسلطة الفلسطينية. تتطلب تفكيراً متجدداً أيضاً بالنسبة لإيران.
هناك، في إيران، يبدأ الإخفاق العظيم. من شريك في صفقات سرية، حتى في عصر آيات الله، تحولت إيران إلى عدو عديد الأذرع وإلى تهديد وجودي.
تعرف إسرائيل كيف تلذع الإيرانيين في عمليات سرية. هذه العمليات لا تبطئ تقدم إيران إلى القنبلة ولا تمنعها من أن تضربنا بوساطة وكلائها من البحر الأحمر حتى المطلة. لعله حان الوقت للاعتراف بالفشل وتجربة سياسة أخرى.
الصفقة التي يمكن لحماس أن تقترحها صعبة جداً على الهضم. ليس الجميع مقابل الجميع، كما عدلني مطلع ما، بل الجميع مقابل حماس.
بكلمات أخرى، الشرط الذي يطرحه السنوار لتحرير المخطوفين ليس فقط الوقف التام للحرب وتحرير آلاف المخربين من السجن بل وأيضاً استمرار حكمه في قطاع غزة.
من ناحية إسرائيل هذه هزيمة لا يوجد ما هو أكثر إهانة منها، هزيمة مطلقة. فقط زعيم إرهاب واثق جداً بقوته أو، كبديل، مجنون تماماً، يمكنه أن يطرح مثل هذا الشرط.
هذا رهيب؟ نعم، هذا رهيب. هل صحيح قبول هذا؟ يحتمل أن نعم، لأن للفشل يوجد ثمن؛ لأن موت المخطوفين في أسر حماس سيكون وصمة لا تمحى على ضمير المجتمع الإسرائيلي، على وحدة صفوفه؛ لأننا لسنا جاهزين في هذه اللحظة لفتح جبهة في الشمال؛ لأننا متعلقون بأميركا.
الحساب مع حماس سيضطر لأن يتأجل في اللحظة التي يخرق فيها السنوار الاتفاق الذي سيتحقق. هذه المرة، ينبغي الأمل، سيكون الجيش الإسرائيلي مستعداً.

عن يديعوت أحرونوت

 

كلمات مفتاحية::
Loading...