بقلم: ناحوم برنياع
في النقاش الأخير داخل "الكابينيت" حول مسألة هل هناك حاجة لتوسيع دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح، متى وكم، طرح أحد الوزراء، إلى هذا الحد أو ذاك بهذه الكلمات، اقتراحاً مخلصاً. "هاتوا بفرقة أخرى إلى غزة"، قال لضباط هيئة الأركان. "هاتوا بفرقتين أخريَين بحيث تدخل القوات إلى شمال القطاع وتبقى هناك. ما المشكلة؟".
من اقترح لم يكن سموتريتش، ولا حتى بن غفير. من اقترح كان بنيامين نتنياهو. بقدر ما أعرف، لم يأخذ أحد الفكرة على محمل الجد. اتفق على إضافة لواء واحد آخر للقتال في رفح – ليس الأمر شيئاً دراماتيكياً. كما أن حدود الجبهة لم تتغير جوهرياً، لكن الأمور قيلت ويوجد لها وزن.
لسنوات كان يمكن لنا أن نواسي أنفسنا في أنه في كل ما يتعلق بالأمن كان نتنياهو يتصرف بحذر. فهو لا يسارع إلى القتال. كان هناك من نسب حذره إلى فهم عميق لقيود القوة، وكان هناك من نسبه إلى الخوف من المسؤولية الشخصية. مهما يكن من أمر، فإن نتنياهو لم يسارع إلى إقرار خطوات عسكرية وعندما أقرها مال لإلغائها.
في المداولات الأولى في "كابينيت الحرب"، كان نتنياهو القديم والمعروف لا يزال معنا. فقد امتنع عن تأييد اقتراح غالانت والجيش لهجوم في لبنان في 11 أكتوبر. عاد وحذر من دخول بري عظيم المخاطر إلى غزة. وفي لحظة ما انقلب بالنسبة لغزة – لبنان لا يزال خارج المجال. فهو يسعى لأن يدحرج الجيش الإسرائيلي إلى بقاء دائم في القطاع، بداية كجيش محتل وبعد ذلك كحكم عسكري. أما سكان الشمال الذين نزحوا عن بيوتهم فلينتظروا؛ ولينتظر السعوديون. غزة أولاً.
إذا كان غالانت وغانتس محقَّين، فإن تحوله لم يكن نقياً من اعتبارات شخصية وحزبية. في إعادة صياغة لقول شهير – ابحث رجاء في "غوغل" عن صموئيل جونسون – غزة هي ملجؤه الأخير.
وعليه فهو يعمل كي يحول المراوحة في غزة إلى مرض عضال. هو يعرف أن الدخول إلى رفح ينطوي على قيود جسيمة. فالحكم المصري جد لا يستطيب العمل العسكري على هذا القرب الشديد من أراضيه السيادية، فقدان المداخيل من المعبر يثير حفيظة الضباط المصريين في المكان. الإدارة الأميركية قلقة من التداعيات على حياة أكثر من مليون فلسطيني. رغم أنهم في إسرائيل تعلموا درساً والآن يحذرون في معالجة السكان المدنيين، فإن الصور التي تخرج إلى أميركا من مخيمات النازحين – وهي صور لا يكثرون من عرضها في البلاد – تجبي ثمناً سياسياً. والأهم، كل تقدم في رفح ينطوي على مخاطرة وبالتأكيد على حياة المخطوفين. هم هنا، محاطون برجال "حماس".
مسؤولون كبار في المنظومة يقولون في أحاديث مغلقة ما لا يمكنهم أن يقولوه علناً: القتال في غزة يجب أن ينتهي الآن. نحن نحصل على مخطوفينا، "حماس" تحصل على صفقتها وبايدن يتمكن من التفاخر بالائتلاف الإسرائيلي – السني الذي أقامه ضد إيران. هذا ليس نصراً.. إنه بعيد عن هذا، لكن مثل جهود كيسنجر في أثناء حرب يوم الغفران، يوجد هنا أساس لنصر في المستقبل. جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي جاء، أول من أمس، إلى البلاد من الرياض مع تطبيع في اليد. هو سيعود إلى واشنطن بيدين فارغتين.
وعليه فمن الصعب التأثر بإنذار بيني غانتس. خطابه بدا كبدلة حيكت من عدد أكبر مما ينبغي من الخياطين. من كثرة الجمل العامة، غير الملزمة لم يكن واضحاً على ماذا يدور عليه الجدال بينه وبين نتنياهو. مثل نتنياهو، هو يؤيد استمرار القتال وتوسيعه في رفح، مثل نتنياهو هو يستبعد دخول السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع. مثل نتنياهو هو ينشر أساطير عن شراكة أميركية – أوروبية – فلسطينية تسعى لإدارة القطاع. في هذه الأثناء لا توجد شراكة كهذه. صحيح أنه يوجد بينهما فجوة في مسألة الصفقة: غانتس يؤيد تجسيدها، ونتنياهو يرفض.
يوجد منطق في إصدار إنذار عندما يكون احتمال حقيقي لتغيير مواقع الجانب المهدد. لكن غانتس لم يعد ولداً في السياسة. هو يعرف أن نتنياهو لا يريد ولا يستطيع. هو أسير الحريديم وقانون التملص، والكهانيين ونزعة الحرب. إنذار غانتس ولد فقط وحصرياً من الخوف من فقدان أصوات في الاستطلاعات. هذه ليست زعامة – هذه سياسة.
إذا كنت تريد أن تنسحب فانسحب. إذا كنت لا تريد أن تنسحب فلا تنسحب؛ التهديدات لن تؤثر على أحد، وبالتأكيد ليس على نتنياهو، في حالته.
المحكمة الدولية في لاهاي كفيلة بأن تدعو هذا الأسبوع إسرائيل لوقف الحرب. إذا لم يحصل هذا فالمحطة التالية ستكون مجلس الأمن. قرار مجلس الأمن سيفرض على إسرائيل الطاعة: نحن لسنا إيران ولسنا روسيا: العقوبات ستدفعنا إلى الانهيار. إسرائيل ستكون متعلقة بفيتو أميركي: لهذا أيضاً يوجد ثمن.
يوجد غير قليل من الإسرائيليين في مواقع أساسية يتابعون هذه المسيرة في قلب منقسم: من جهة قرار مجلس الأمن لوقف الحرب سيوقع علينا ضربة شديدة. من جهة أخرى هو كفيل بأن يحررنا من المتاهة التي تورطنا فيها. من الخير وقف الحرب قبل أن نضرب الرأس في الحائط.
عن يديعوت أحرونوت